من باريس: سهيلة باتو
صحفية و سينمائية
غريتا تونبرغ، أيقونة الشباب الملتزم، تُبحر اليوم ضمن أسطول مادلين المتّجه نحو غزة. لا يقتصر حضورها على فعلٍ إنسانيّ رمزيّ، بل يتجاوز ذلك ليُصبح فعلًا سياسيًّا وأخلاقيًّا في جوهره: دفاعًا عن الكرامة، ورفضًا للصمت، واعترافًا بإنسانية من يسعى العالم لتجاهلهم.
ما نعيشه اليوم، كما تقول غريتا، ليس مجرد أزمة إنسانية أو سياسية، بل اختبارٌ أخلاقيٌّ حاسم. إنه سؤالٌ موجّه إلى ضمير هذا العصر: هل لا نزال نملك القدرة على الرفض؟ على كسر منطق القوّة الذي يُبقي شعوبًا بأكملها تحت الحصار والعقاب الجماعي؟ هل ما زال فينا ما يكفي من شجاعة لنرى من حاول العالم محوهم من الخريطة والذاكرة؟
دعوتها لا تُحتمل فيها المواربة: الحياد أمام الظلم خيانة، والصمت شراكة، والفعل واجب أخلاقيّ لا يقبل التأجيل. إنها دعوة إلى اتساق صارم بين القيم والمواقف، بين الكلمات والمواقف.
غريتا تونبرغ تُجسّد هذا الاتساق النادر. في زمن التسويات والانكفاء، ترفع الصوت من قلب البحر، وتحمل معها ضمير جيلٍ يرفض أن يتعوّد على العنف أو أن يتواطأ مع النسيان. هي لا تكتفي بالقول، بل تختار الجبهة الأكثر وضوحًا: إلى جانب المظلوم، في وجه الجلّاد.
ولدت غريتا في السويد عام 2003، وأصبحت منذ عام 2018 رمزًا عالميًّا بعد إضراباتها المدرسية من أجل المناخ، التي أطلقت حركةً شبابية عالمية لأجل العدالة البيئية والاجتماعية. ورغم التهجمات والضغوط، ما تزال واحدة من أقوى الأصوات في الدفاع عن الكوكب والكرامة. يتابعها أكثر من 14 مليون شخص على شبكات التواصل الاجتماعي، ويزداد صداها بين الأجيال التي تبحث عن معنى للالتزام في هذا الزمن المرتبك. ابقوا أعينكم عليهم

